من حقق أهدافه في الحرب بين إسرائيل وحزب الله الظهيرة
من حقق أهدافه في الحرب بين إسرائيل وحزب الله الظهيرة؟ تحليل معمق
يشكل الصراع الإسرائيلي اللبناني، بشقيه العسكري والسياسي، بؤرة توتر مستمرة في منطقة الشرق الأوسط. الحرب الأخيرة التي دارت رحاها بين إسرائيل وحزب الله، والتي يشار إليها غالبًا بـ حرب الظهيرة أو حرب تموز، كانت محطة مفصلية تركت آثارًا عميقة على كلا الطرفين، وعلى المنطقة بأسرها. إن تحليل من حقق أهدافه في هذه الحرب يتطلب نظرة شاملة ومعمقة تتجاوز النتائج الظاهرية، وتتعمق في الأبعاد الاستراتيجية والسياسية والإعلامية للصراع.
الهدف الرئيسي من هذا المقال هو تقديم تحليل مفصل وموضوعي للأهداف التي سعى إليها كل من إسرائيل وحزب الله خلال حرب الظهيرة، وتقييم مدى تحقق هذه الأهداف، مع مراعاة التكاليف الباهظة التي تكبدها الطرفان. سنقوم بالاعتماد على مصادر متنوعة، بما في ذلك التقارير الرسمية، وتحليلات الخبراء، وشهادات الشهود، بهدف تقديم صورة شاملة قدر الإمكان.
الأهداف الإسرائيلية المعلنة والخفية
أعلنت إسرائيل، بشكل رسمي، أن هدفها الرئيسي من الحرب هو القضاء على القدرات العسكرية لحزب الله، وخاصة قدرته على إطلاق الصواريخ على العمق الإسرائيلي. بالإضافة إلى ذلك، سعت إسرائيل إلى إطلاق سراح الجنديين الإسرائيليين اللذين أسرهما حزب الله في عملية عبر الحدود كانت الشرارة التي أشعلت فتيل الحرب. وعلى المدى الأبعد، كانت إسرائيل تسعى إلى تغيير ميزان القوى في لبنان، وإضعاف نفوذ حزب الله، وتقوية الحكومة اللبنانية المركزية.
إلا أن هناك أهدافًا خفية أو غير معلنة لإسرائيل، يمكن استنتاجها من سياق الأحداث وتحليلات الخبراء. من بين هذه الأهداف: استعادة الردع الإسرائيلي الذي تضرر خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية والانسحاب من جنوب لبنان عام 2000، وربما أيضًا اختبار قدرة الولايات المتحدة على دعم إسرائيل في حرب إقليمية واسعة النطاق، وتحديد موقف المجتمع الدولي من حزب الله.
الأهداف المعلنة والخفية لحزب الله
أعلن حزب الله أن هدفه الرئيسي من عملية أسر الجنديين الإسرائيليين هو الضغط على إسرائيل لإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، سعى حزب الله إلى إثبات قدرته على مواجهة الجيش الإسرائيلي، وكسر صورته كجيش لا يقهر. وعلى المدى الأبعد، كان حزب الله يسعى إلى تعزيز نفوذه في لبنان، وتكريس نفسه كقوة إقليمية مؤثرة.
أما الأهداف الخفية أو غير المعلنة لحزب الله، فمن المرجح أنها تضمنت: توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة مفادها أن أي محاولة لتقويض نفوذ إيران في المنطقة ستواجه بمقاومة شديدة، وإعادة التأكيد على التزامه بالقضية الفلسطينية، وتعزيز شعبيته في العالم العربي والإسلامي.
تقييم مدى تحقق الأهداف الإسرائيلية
على الرغم من القصف الجوي المكثف والعمليات البرية الواسعة النطاق، لم تتمكن إسرائيل من تحقيق هدفها الرئيسي المعلن بالقضاء على القدرات العسكرية لحزب الله. فقد تمكن حزب الله من إطلاق آلاف الصواريخ على العمق الإسرائيلي، وإلحاق أضرار مادية ونفسية كبيرة بالمواطنين الإسرائيليين. كما لم تتمكن إسرائيل من إطلاق سراح الجنديين الإسرائيليين إلا بعد انتهاء الحرب، ومن خلال صفقة تبادل أسرى.
أما فيما يتعلق بالأهداف الخفية، فقد نجحت إسرائيل إلى حد ما في استعادة جزء من الردع الإسرائيلي، ولكن هذه الاستعادة كانت مؤقتة، حيث تزايدت قوة حزب الله العسكرية في السنوات التي تلت الحرب. كما تمكنت إسرائيل من اختبار قدرة الولايات المتحدة على دعمها، وتحديد موقف المجتمع الدولي من حزب الله، ولكن هذه المكاسب كانت محدودة، ولم تؤد إلى تغيير جوهري في السياسات الإقليمية.
تقييم مدى تحقق الأهداف لحزب الله
نجح حزب الله في تحقيق هدفه الرئيسي المعلن بالضغط على إسرائيل لإطلاق سراح الأسرى، وإن كان ذلك بعد انتهاء الحرب. كما نجح في إثبات قدرته على مواجهة الجيش الإسرائيلي، وكسر صورته كجيش لا يقهر، وهو ما عزز من صورته وشعبيته في لبنان والعالم العربي والإسلامي. إلا أن حزب الله تكبد خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وتعرضت البنية التحتية اللبنانية لأضرار جسيمة.
أما فيما يتعلق بالأهداف الخفية، فقد نجح حزب الله في توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وتعزيز نفوذ إيران في المنطقة. كما نجح في إعادة التأكيد على التزامه بالقضية الفلسطينية، وتعزيز شعبيته في العالم العربي والإسلامي. إلا أن هذه المكاسب جاءت بتكلفة باهظة على لبنان وشعبه.
التكاليف الباهظة للحرب
تكبد كلا الطرفين الإسرائيلي واللبناني خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات نتيجة للحرب. فقد قتل المئات من المدنيين والعسكريين، ودمرت البنية التحتية، وتضررت الاقتصاديات. كما خلفت الحرب آثارًا نفسية واجتماعية عميقة على السكان المتضررين. ولا يزال لبنان يعاني حتى اليوم من آثار الحرب، بما في ذلك تلوث الأراضي بالألغام والقنابل العنقودية.
خلاصة القول: لا منتصر حقيقي في الحرب
بناءً على التحليل السابق، يمكن القول أنه لا يوجد منتصر حقيقي في حرب الظهيرة. فقد حقق كلا الطرفين بعض الأهداف، ولكن بتكلفة باهظة. فإسرائيل لم تتمكن من القضاء على القدرات العسكرية لحزب الله، وحزب الله تكبد خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. كما أن الحرب لم تؤد إلى تغيير جوهري في ميزان القوى في المنطقة، بل ساهمت في تعقيد الأوضاع وزيادة التوتر.
إن الدرس الأهم الذي يمكن استخلاصه من حرب الظهيرة هو أن الحرب ليست الحل الأمثل للصراعات، وأن الحوار والتفاوض هما السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. كما أن على المجتمع الدولي أن يلعب دورًا أكثر فاعلية في حل الصراعات الإقليمية، ومنع تدهور الأوضاع إلى حروب مدمرة.
التحليل السابق هو محاولة لفهم تعقيدات حرب الظهيرة، وتقييم مدى تحقق الأهداف التي سعى إليها كل من إسرائيل وحزب الله. إلا أن هذا التحليل لا يدعي الكمال، ويبقى مفتوحًا للنقاش والتحليل المستمر.
رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=acOsFsf42dI
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة